من الذي كتبني؟

كنتُ أكره كرة السلة ولم أفكر يومًا أن ألعبها لذا لم أتابع أي شيء يتعلق بها أو أي كرتون لها، كرهي لها كان منذ الطفولة و لسبب لا أعلمه، و في سن العشرين قمت بتقديم خطاب لوحدة الأنشطة بجامعتي أطلب منهم السماح لي بالقيام بمبادرة لترميم ملعب السلة الخارجي في الجامعة و الذي كان يقع خلف مبنى المعامل، وذلك لإقامة دوري سلة بين الكليات، في حقيقة الأمر لقد فعلتُ ذلك لأن صديقتي المقربة كانت تحب كرة السلة و دائمًا ما تتخيل لو أن الملعب مهيأ وتلعب به في أوقات الراحة، فأردتُ أن أقدم لها شيئًا يُسعدها ويجعلها تتحمس لقدومها إلى المحاضرات، انتهى بي المطاف كلاعبة في فريق كلية العلوم و أنا في غاية السرور، و أصبحت أتحدث عن كوني لاعبة كثيرًا، هُزمنا في أول مباراة، وشعرت وقتها بغصة شديدة للهزيمة حتى أنا لم أكن أعلم أني سأتأثر لهذه الدرجة! وبالرغم من أنها لم تكن هزيمتي الأولى في اللعب. استعجبت كيف تحول كرهي لكرة السلة لشيء ممتع أمارسه أحيانًا. أمر أخر عند مرور كلمة السياسة عبر أذني يحللها دماغي فورًا إلى شعور بالصداع، الآن أنا لا استمع لتحليلات السياسية وفقط، بل أني حصلت على دبلوم بالعلاقات الدولية! هناك الكثير من الأمثلة لدي فيما كنت أكره ثم أحببت، ولم تكن هناك مدة زمنية بين هذا وذاك.

 فمن أنا ولما يتحول شعوري هكذا؟ بطريقة أخرى وبتساؤل من ندوة حضرتُها بمساحة تويتر عنوانها   "من الذي كتبني؟" *
من الذي كتبني قديمًا في حالة كرهي ومن الذي أعاد كتابتي في حبي لفعل ما كنت أكره؟ هل أنا ذاتي من كتبت الحالتين؟ أم ظروفّ قديمة؟ أو هي ظروف جديدة كتبت لي حب فعل ذلك؟ ظروف أو أشخاص أو هي غاية في نفسي لم أعيها بعد؟ هل كُتبت مسبقًا من جهلي؟ موقف سيء مر بي؟ هل كنتُ مستنسخة كرهي من شخص أحبه؟ الأمر عالق برأسي لأن هذه الأشياء لم تكن عادية لدي، أي لما تكن شيء حيادي، هي نقيضين تمامًا بين كره وحب، حقيقة هذا الأمر أقلقني أحيانًا وذبذب فكري هل ستنعكس حياتي بين ما أحب فعله وما أكرهه ولأي مدى ستصل هذه الحالة؟
أعتقد أني تعلمت ألا أبالغ في الطرف الذي اتخذه وابتسم إذا ما أدركت أني أكره شيء، وأستطيع القول أني تعلمت تقبل الاخر المختلف عني، بعد أن اختلفت مع نفسي.
وأما عن "من الذي كتبني"
 المُقدمة كتبها والديِّ، الظروف قصت لي حكايا، إخوتي وضعوا مؤثرات للحكايا، تعلمت شيئًا فشيء إمساك القلم لم أكتب بعد، المجتمع وضع علامات الترقيم في أوراقي، أحاول الكتابة، الظروف تضع فصولها الأربعة، المقدمة أصبحت من الظروف، المؤثرات صفقت لي، كتبت السطر الأول علامات الترقيم كثرت، المؤثرات أصبحت من الظروف، الظروف رسمت لي عدة طرق، بدأ قلمي الجاهل يختار، في الطريق هناك اخرين توقفت و حاورتهم فكتبوا لي و كتبت لهم، الظروف تضع إشارات، أكمل الكتابة والفضول يدفعني بقوة، حُرِرَت لي مخالفة! صُدمت، أكملت بعناد وفضول... وهكذا هي أوراقي أملكها ولست أملكها، فأكتبني وأكتبهم ويكتبوني ونكتبهم...
آلاء.ع
 

* الندوة للأستاذ طارق القرني وحسابه بالتويتر Tsbsag@


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة رواية ابق حيًا

لماذا أكتب؟

لم أراني!