لماذا أكتب؟
الساعة العاشرة والربع مساءً، إحدى الأيام الاعتيادية العادية جدًا، أجلس على كرسي في المطبخ أمامي طاولة الطعام، لتو وضعتُ عليها حساء ساخن لأشربه، وهذا ليس له أي علاقة بسبب كتابتي! فليس المطبخ مكان إلهامي ولا الحساء من يجعل مزاجي في تألق ورضا وهدوء، حتى أني لا أستطيع شم رائحته ولا استشعر طعمه بشكلٍ جيد، وهذا يعني أني سأشربه بسبب المرض لا أكثر. ولكني اعتقد ولستُ متأكدة بعد أني أكتب حتى لا أشعر بأني أُهدر في هذا العالم، وهنا أتحدث عني كأفكار وزمن، بعيدًا عن كل شيء يخص ذاتي. أحيانًا أشعر بهلع عندما أتخيل أني مررت في هذه الحياة مرور الكرام! -أنا أيضًا أعتقد أن كل إنسان لديه إحساس بنفسه والمسؤولية اتجاه الحياة يفكر بهذه الطريقة ويشعر أيضًا كذلك- ولأخفف هذا الشعور أجدني بين مختلف الكتب أقرأ لأتعلم، ثم يكون لدي ما أستطيع تقديمه لغيري ثم يكون لمروري وقع وأثر. أستمتع وأتأمل وأفكر كثيرًا فيما قرأت وأتناسى خوفي تدريجيًا قبل أن يداهمني مجددًا في أيامي القادمة، أظل كذلك إلى أن تحين ساعة نومي وأنام بعمق كالأطفال، وكأني لم أصاب بخوف وهلع قبل ساعات! ثم إليك المفاجأة أعود في اليوم التالي أحاول أن التمس ما ظننت أني تعلمته من قبل فاكتشف جهلي الأكبر وأشعر كأني ولدت بالأمس وأشكك في معرفتي، وأعود لأتأكد من معلومة أعرفها فأجدني غصت في فروعها ونشأتها ومما ولِدت وأذهل من العلم وأحاول أن أربط الأزمان والمعلومات بزمني الحالي وأفكر كيف أوظف ما أعرف في حياتي وكيف فعل غيري وأتخبط بأفكاري. مجددًا أعتقد أني أكتب لأراقب أفكاري! في الحقيقة أنا أراقب سلوكي أيضاً وأتوصل لمشاعري عن طريقه، وعندما أجد في نفسي شييء يثير استغرابي اتسأل لما فعلت هذا أو ذاك ولما قلت أو لم أقل، وأحيانًا أتسأل لما حزنت أو فرحت أو غضبت، أجدني أعود للبحث عن السبب وإلا أصاب بأرق، يجب أن أجد سبب لكل شيء، وهذا أمر مرهق ومتعب ولكن به لذة غريبة تدفعني للاستمرار في التفتيش عن الاسباب وراء ما يحدث واكتشف كيف حدثت.
أنا أكتب لأراقب، لأثبت مرور الفكرة بعقلي والشعور بجوفي، لأفهمني أكثر، لأتعلم أكثر، وليقرأني من تشابه فكره بفكري، أو روحه بروحي، وليكتب لي من خالفته بذلك، وليشاركني من لديه عالمٌ غير عالمي.
نص جميل
ردحذفكلامك مو على عمرك ما شاء الله عليك هاديه واهم شي انك قريبه من ربك استمري 👌
ردحذف